الصرع هو أحد أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا حول العالم، حيث يعاني الملايين من نوبات متكررة تؤثر على حياتهم اليومية. على الرغم من أن الأدوية المضادة للصرع تكون فعالة في السيطرة على النوبات لدى معظم المرضى، إلا أن هناك حالات لا تستجيب للعلاج الدوائي. في هذه الحالات، يبرز العلاج الجراحي للصرع كحل أمثل لتحسين جودة حياة المريض. فمتى يكون التدخل الجراحي ضروريًا؟ وما هي الخطوات المتضمنة في هذه العملية؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.
ما هو الصرع؟
الصرع هو اضطراب عصبي مزمن يتميز بنوبات متكررة غير مبررة. تحدث هذه النوبات بسبب نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ، مما يؤدي إلى أعراض تتراوح بين الارتعاش وفقدان الوعي. يعتمد علاج الصرع بشكل أساسي على الأدوية، ولكن في بعض الحالات، تكون الجراحة هي الخيار الأفضل.
3. متى يصبح العلاج الجراحي هو الحل الأمثل؟
هناك عدة عوامل تساهم في اتخاذ القرار بخصوص علاج الصرع جراحيًا، ومنها:
أ. عدم الاستجابة للأدوية
عندما لا تستجيب النوبات للعلاج الدوائي، ويُسمى هذا النوع من الصرع “الصرع المقاوم للأدوية” (Drug-resistant Epilepsy)، فقد يكون العلاج الجراحي خيارًا مناسبًا.
- إذا كان المريض قد جرب ما لا يقل عن شخصين من الأدوية المختلفة دون تحقيق السيطرة الكافية على النوبات، فإن الجراحة قد تكون الحل الذي يؤدي إلى تحسين نوعية حياته.
ب. نوع الصرع ومكان بدء النوبات
العلاج الجراحي يكون أكثر فعالية عندما تكون النوبات منبعثة من منطقة معينة في الدماغ يمكن استهدافها جراحيًا.
- مثلاً، إذا كانت النوبات ناتجة عن نشاط غير طبيعي في منطقة معينة من الدماغ مثل الفص temporal أو الفص الجبهي، يمكن إزالة هذه المنطقة أو ضبطها جراحيًا لتقليل النوبات.
ج. التحليل الدقيق للدماغ بواسطة الفحوصات المتقدمة
تستخدم التقنيات المتقدمة مثل تصوير الدماغ باستخدام الرنين المغناطيسي (MRI)، والدراسة الكهربائية للدماغ (EEG)، وتقنيات تحديد المناطق التي تسبّب النوبات، لتحديد ما إذا كانت الجراحة ممكنة.
- إذا تبين أن مصدر النوبات يمكن تحديده بدقة في منطقة معينة في الدماغ، قد يوصي الطبيب بالجراحة.
د. تحسن حالة المريض بعد إزالة بؤرة النوبات
أثبتت الدراسات أن المرضى الذين عانوا من صرع مقاوم للأدوية وعملوا على إزالة الجزء المتسبب في النوبات شهدوا تحسنًا ملحوظًا. وفي حالات أخرى، قد يكون التنشيط العميق للمخ (Deep Brain Stimulation) خيارًا ناجحًا.
أنواع الجراحات المستخدمة في علاج الصرع
هناك عدة أنواع من الجراحات التي يمكن استخدامها لعلاج الصرع، ويعتمد اختيار النوع على حالة المريض وموقع البؤرة الصرعية:
- استئصال بؤرة الصرع: يتم إزالة الجزء المسبب للنوبات في الدماغ، مثل الفص الصدغي.
- قطع الجسم الثفني: يتم قطع الألياف العصبية التي تربط بين نصفي الدماغ لتقليل انتشار النوبات.
- التحفيز العصبي: يتم زرع أجهزة لتحفيز الأعصاب بشكل منتظم، مثل جهاز تحفيز العصب الحائر (VNS).
- الجراحة بالليزر: تستخدم لتدمير البؤرة الصرعية بدقة عالية دون الحاجة إلى فتح الجمجمة بالكامل.
خطوات العلاج الجراحي للصرع
- التقييم الأولي: يتم إجراء فحوصات شاملة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) و تخطيط كهربية الدماغ (EEG) لتحديد بؤرة الصرع.
- التخطيط للجراحة: يتم وضع خطة جراحية مفصلة بناءً على نتائج الفحوصات.
- إجراء الجراحة: يتم تنفيذ العملية تحت إشراف فريق متخصص في جراحة الأعصاب.
- المتابعة بعد الجراحة: يتم مراقبة المريض عن كثب لتقييم نتائج الجراحة وإدارة أي مضاعفات محتملة.
فوائد العلاج الجراحي للصرع
- تقليل أو إيقاف النوبات: في كثير من الحالات، يمكن أن تقلل الجراحة من تكرار النوبات أو توقفها تمامًا.
- تحسين جودة الحياة: مع انخفاض النوبات، يمكن للمرضى استعادة قدرتهم على العمل والقيادة وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
- تقليل الاعتماد على الأدوية: في بعض الحالات، يمكن تقليل جرعات الأدوية أو إيقافها بعد الجراحة.
المخاطر والمضاعفات المحتملة
مثل أي عملية جراحية، فإن العلاج الجراحي للصرع يحمل بعض المخاطر، مثل:
- العدوى.
- النزيف.
- مشاكل في الذاكرة أو الكلام (إذا كانت الجراحة في مناطق حساسة من الدماغ).
- استمرار النوبات في بعض الحالات.
الخلاصة
العلاج الجراحي للصرع يمكن أن يكون الحل الأمثل للمرضى الذين لا يستجيبون للعلاج الدوائي، خاصة إذا تم تحديد بؤرة الصرع بدقة. ومع التقدم في تقنيات الجراحة العصبية، أصبحت هذه العمليات أكثر أمانًا وفعالية. إذا كنت تعاني من الصرع ولم تتحسن حالتك بالأدوية، فقد يكون الوقت مناسبًا لمناقشة خيار الجراحة مع طبيبك المتخصص.